للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ظلل عليه السيف صار بذلك كأنه وصل إلى أبواب الجنة فيوشك أن يستشهد فيدخلها في الحال أو يؤخر فيموت على فراشه فيدخلها في المآل لأن من قاتل في سبيل اللّه وجبت له الجنة فكأن أبواب الجنة لذلك تحت ظلال السيوف حقيقة، وشبيه بهذا قوله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: "قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض".

قوله - صلى الله عليه وسلم - لمن جاء يستأذنه في الجهاد: "ألك والدن؟ " قال: نعم، قال: "الزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما" وكذلك ما روي في الحديث: "الجنة تحت ظلال السيوف وتحت أقدام الأمهات" وأشباه ذلك والله أعلم.

قوله: "الجنة تحت ظلال السيوف" أي: تحت بارقة السيوف وبارقة السيوف هو ظلها الذي يقع على الأرض وغيره ولما كان بارقة السيوف مما يفزع الأنفس ويكون سببا لفرارها، بيّن - صلى الله عليه وسلم - أن من وقف تحت ظلال السيوف وحبس نفسه على القتال دخل الجنة قُتل أم لم يقتل لقوله تعالى: {بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} (١) ويحتمل أمرين، أحدهما: أن يكون المعنى أن الصبر على بارقة السيوف ثوابه أفضل من الجنة وأن الجنة دونه وأن ثوابه - رضي الله عنه -: أفضل من الجنة وكذلك النظر إلى وجهه الكريم، الثاني: أنه يعبر بالتحت [عما] خفي عن المشاهدة بالبصر، وقد يكون للشيء ظاهر مكروه وباطن محبوب ببارقة السيوف ظاهرها ورؤيتها مما يكره النفس وثواب الجنة منطو فيها والصبر على بارقة السيوف


(١) سورة التوبة، الآية: ١١.