للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اللّه" (١) قال أهل اللغة الشجاعة شدة في القلب عند البأس (٢)، والحمية الأنفة والغيرة والمحاماة عن عشيرته وأقاربه (٣) ولولا ذلك لم يقاتل، والرياء يمد ويقصر والأشهر المد وهو إرادة نفع الدنيا بعمل الآخرة وهو ضد الإخلاص فإن أراد نفع الدنيا والآخرة فهو مراء أيضا (٤)، وأما القتال للشجاعة فتارة يكون لإظهارها ليقال هو شجاع وهذا هو الفرق بينه وبين من يقاتل لإعلاء كلمة اللّه وبذل نفسه في رضاه رغبة فيما عند اللّه تعالى ظاهرا وهو في الباطن بخلاف ذلك، فالأول قصد المدح على الشجاعة في الدنيا فقط فهذا قصد الدنيا أو غيرها من الأغراض الفاسدة، وتارة يقاتل للشجاعة طبعا ولم يقصد شيئا فهو أقل من الأول ذنبا لعدم قصده ولا يقال إنه قاتل لتكون كلمة اللّه هي العليا إذ لم يقصد ذلك، نعم إن أخلص أولا ثم قاتل طبعا وشجاعة ولم يقصد ما ينافي الأول فهو على نيته لأن الإنسان عندما يدهمه القتال قد يذهل عن ذلك كما [قد] يذهل عن التوحيد عند الموت [فيحكم] بإيمانه المتقدم ما لم يطرأ [على استحضاره ما ينافيه والثالث] يقاتل للشجاعة [قاصدا إعلاء كلمة اللّه - تعالى - حال]، القتال فهذا هو المراد بالحديث وهو الغاية (٥).


(١) أخرجه البخاري (٧٤٥٨) ومسلم (١٥٠ - ١٩٠٤) عن أبي موسى.
(٢) الصحاح للجوهري (٣/ ١٢٣٥).
(٣) شرح النووي على مسلم (١٣/ ٤٩).
(٤) رياض الأفهام (٥/ ٦٠٩).
(٥) رياض الأفهام (٥/ ٦٠٩ - ٦١٠).