للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الله هي العليا (١) واللّه أعلم، ففيه دليل على أن الإخلاص واجب في الجهاد كما يجب في غيره، وأنه تدخله النية، وقد قسم العلماء [الشهداء ثلاثة أقسام شهيد في الدنيا والآخرة وشهيد في الآخرة دون أحكام الدنيا وشهيد] في الدنيا دون الآخرة وهو الذي يقاتل رياء أو سمعة أو [طمعا في المغنم] ولا يمنع الإخلاص في الجهاد دخول الشهرة بالشجاعة ووقوع المحمدة من الناس فإنا لو فتحنا هذا الباب أدى ذلك إلى ترك العمل جملة بل متى صح القصد لم يضر المدح، وكذلك لا يمنع الإخلاص القتال لطلب الجنة والغنيمة مع قصد إعلاء الكلمة لأنه طلب لما وعد اللّه على الجهاد ولذلك لا يقدح قصد طلب الثواب وسائر الأعمال، قال عبد اللّه بن المبارك: العبادة على ثلاثة أقسام عبادة الأحرار وهم الذين عبدوا اللّه لأداء حق الربوبية لا لطلب ثواب ولا لخوف عقاب فهذه أعلاها، وعبادة التجار وهم الذين عبدوا اللّه تعالى لطلب الثواب وعبادة العبيد وهم الذين عبدوا اللّه خوفا من النار (٢) ا. هـ.

وإنما كانت عبادة الأحرار أفضل لأنهم شاهدوا من أنفسهم التقصير ورأوا نعم اللّه تعالى أوجبت عليهم الشكر ورأوا أعمالهم تقع قاصرة عن أداء الشكر الواجب عليهم قال اللّه تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} (٣)


(١) شرح النووي على مسلم (١٣/ ٤٩).
(٢) هذا كلام علي بن الحسين كما في حلية الأولياء (٣/ ١٣٤)، وصفة الصفوة (١/ ٣٥٤).
(٣) سورة سبأ، الآية: ١٣.