للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله "لا أجر له" أي لا ثواب له.

اعلم أن المجاهدين في نية الجهاد على أقسام، منهم من يجاهد ونيته تحصيل عرض الدنيا من غير التفات إلى قصد نوع من العبادة بحيث لو عرض عليهم غزو طائفة من الكفار ليس لهم ما يغنم أو علم أنه يمنع من الغنيمة لم يغز فهذا إذا قتل ليس بشهيد وإن كان حكمه في الظاهر حكم الشهيد وليس له أجر البتة لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة المتقدم لما سئل عمن يريد الجهاد وهو يبتغي عرضا من عرض الدنيا فقال: "لا أجر له" ثم هل يعاقب على ذلك في الآخرة؟ اختلف السلف في ذلك على قولين منهم من قال يعاقب لأنه عمل عمل الآخرة للدنيا، القول الثاني أنه لا يثاب ولا يعاقب وهو الظاهر ويدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا أجر له" ولم يذكر فيه عقابا، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - "من غزا ولم ينوي إلا عقالا فله ما نوى" وأشباه ذلك (١). اهـ

ومنهم من يخرج إلى الجهاد مكثرا سواد المسلمين ليس له من نية أن يقتل ولا يقتل وهذا إن قتل فهو شهيد لأن من كثر سواد قوم فهو منهم (٢) ومنه الحديث "الشهداء ثلاثة" وذكر منهم من يكثر سواد المسلمين، ومنهم من يجاهد ونيته وجه اللّه ونيل الغنيمة جميعا فهذه النية مما اختلف فيها وفي أشباهها أئمة السلف فذهب بعضهم إلى أن هذه النية فاسدة وأن صاحبها يعاقب عليها لإدخاله قصد الدنيا في عمل الآخرة وذهب آخرون إلى أن هذه


(١) مشارع الأشواق (ص ٦٣١).
(٢) مشارع الأشواق (ص ٦٢٢).