للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الإمام أبو عبد اللّه القرطبي (١) قال علماؤنا في قوله تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (٢) إن ذلك على الحقيقة كما بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - أي يأتي به حاملا له على ظهره ورقبته معذبا بحمله وثقله ومرعوبا بصوته موبخا بإظهار خيانته على رؤوس الأشهاد وكذلك مانع الزكاة كما في الحديث الصحيح. قال أبو حامد الغزالى (٣): فمانع زكاة الإبل يحمل بعيرًا على كاهله له رغاء وثقل يعدل الجبل العظيم، ومانع زكاة البقر يحمل ثورًا على كاهله له خوار وثقل يعدل الجبل العظيم، ومانع زكاة الغنم يحمل شاة لها ثغاء وثقل يعدل الجبل العظيم والرغاء والخوار والثغاء كالرعد القاصف، ومانع زكاة الزرع يحمل على كاهله أعدالًا قد ملئت من الجنس الذي كان يبخل به برًا كان أو شعيرًا أثقل ما يكون ينادي تحته بالويل والثبور، ومانع زكاة المال يحمل شجاعًا أقرع له زبيبتان وذنبه قد انساب في منخريه واستدارت بجيده وثقل على كاهله كأنه طوق بكل وحي في الأرض وكل واحد ينادي مثل هذا فتقول الملائكة هذا ما بخلتم به في الدنيا رغبة فيه وشحًا عليه وهو قوله تعالى: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (٤).

قلت: وهذه الفضيحة التي يوقعها اللّه بالغال نظير الفضيحة التي يوقعها بالغادر، إذا رفع له لواء غدرته يوم القيامة.


(١) تفسير القرطبى (٤/ ٢٥٦)، والتذكرة (ص ٦٩٣).
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٦١.
(٣) التذكرة (ص ٦٩٣).
(٤) سورة آل عمران، الآية: ١٨٠.