للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[فصل] فيه من الكتاب قوله تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (١) أي: بذلك الشيء بعينه يحمله على عنقه وهذا وعيد عظيم فإن يفتضح به على رؤوس الأشهاد، وقال الزمخشري (٢): وعن بعض جفاة العرب أنه سرق نافجة مسك وتليت عليه هذه الآية: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} فقال: أجيء بها حقيقة المحمل طيبة الريح، أ. هـ وجعل اللّه تعالى هذه المعقبات حسب ما تعهده البشر ويفهمونه [ألا ترى إلى قول الشاعر (٣).

أَسُمَّيَ وَيْحَكَ هل سمعتِ بِغَدْرَةٍ ... رُفع اللِّوَاءُ لنَا بِها في مَجمعِ

فكانت العرب ترفع للغادر لواء في المحافل ومواسم الحج، وكذلك يطاف بالجاني مع جنايته، و] ذهب بعض العُلماء أن ما يجيء به الغال يحمله عبارة عن وزر ذلك وشهرة الْأَمر أي يأتي يوم القيامة قد شهر اللّه أمره كما يشهر لو حمل بعيرا له رغاء وفرسا لها حمحمة (٤).

قلت: وهذا عدول عن الحقيقة إلى المجاز والتشبيه، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحقيقة فهو أولى (٥) واللّه أعلم، أ. هـ.

اعلم أن من غل شيئًا في سبيل اللّه استوجب عقوبتين عقوبة في الدنيا وعقوبة


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٦١.
(٢) الكشاف (١/ ٤٣٤ - ٤٣٥).
(٣) هو الحادرة الغطفانى انظر: المفضليات (ص ٤٥)، والتذكرة الحمدونية (٣/ ٣٩٣).
(٤) تفسير القرطبي (٤/ ٢٥٦ - ٢٥٧)، والتذكرة (ص ٦٩٤ - ٦٩٥).
(٥) تفسير القرطبي (٤/ ٢٥٧)، والتذكرة (ص ٦٩٥).