للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واعلم أن مقصود الإمام مسلم بذكر هذا الحديث هنا أن من الأفعال ما تركه يوجب الكفر إما حقيقة وإما تسمية فأما كفر إبليس بسبب السجود فمأخوذ من قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٣٤)} (١) قال الجمهور: معناه وكان في علم الله تعالى من الكافرين، وقال بعضهم وصار من الكافرين (٢).

فائدة: اعلم أن أول معصية عصى الله بها الحسد، قال الكرابيسي صاحب الشافعي: الحسد أول معصية عصى الله تعالى بها في السماء وهو سابق على الكفر وذلك أن إبليس لعنه الله حسد آدم عليه السلام يسجد له فكفر (٣)، قال العلماء - رضي الله عنهم -: وكفر إبليس من ثلاثة أوجه: الأول: أنه استنقص نبيا وهو آدم عليه السلام ومن استنقص نبيا كفر (٤)، قال صاحب اللمع: عبد إبليس ربه ثمانين ألف سنة ثم كفر نعوذ بالله من ذلك (٥).

الثاني: أنه خالف إجماع الملائكة في السجود ومن خالف الإجماع كفر (٦).

الثالث: أنه نسب البارئ جل جلاله وتعالى إلى التجوير وعدم الحكمة في


(١) سورة البقرة، الآية: ٣٤.
(٢) شرح النووي على مسلم (٢/ ٧٠).
(٣) انظر: نزهة المجالس (٢/ ٤٩).
وقال مالك: إن أول معصية عصي الله بها الحسد، حسد إبليس لآدم، وحسد قابيل لهابيل.
القبس (ص ١٠٤٨)، والمسالك (٧/ ٢٦٨).
(٤) كشف الأسرار (لوحة ١٢).
(٥) انظر: منهاج العابدين (ص ١٢٠).
(٦) كشف الأسرار (لوحة ١٢)، والبرهان (٣/ ٤٩).