وذكر باللسان وذكر القلب نوعان أحدهما وهو أرفع الأذكار وأجلها الفكر في عظمة الله تعالى وجلاله وجبروته وملكوته وآياته في سممواته وأرضه ومنه الحديث خير الذكر الخفي والمراد به هذا والثاني ذكره بالقلب عند الأمر والنهي فيمتثل ما أمر به ويترك ما نهي عنه ويقف عما أشكل عليه وأما ذكر اللسان مجردا فهو أضعف الأذكار ولكن فيه فضل عظيم كما جاءت به الأحاديث قال وذكر بن جرير الطبري وغيره اختلاف السلف في ذكر القلب واللسان أيهما أفضل قال القاضي والخلاف عندي إنما يتصور في مجرد ذكر القلب تسبيحا وتهليلا وشبههما وعليه يدل كلامهم لا أنهم مختلفون في الذكر الخفي الذي ذكرناه وإلا فذلك لا قاربه ذكر اللسان فكيف يفاضله وإنما الخلاف في ذكر القلب بالتسبيح المجرد ونحوه والمراد بذكر اللسان مع حضور القلب فإن كان لاهيا فلا واحتج من رجح ذكر القلب بأن عمل السر أفضل ومن رجح ذكر اللسان قال لأن العمل فيه أكثر فإن زاد باستعمال اللسان اقتضى زيادة أجر قال القاضي واختلفوا هل تكتب الملائكة ذكر القلب فقيل تكتبه ويجعل الله تعالى لهم علامة يعرفونه بها وقيل لا يكتبونه لأنه لا طلع عليه غير الله قلت الصحيح أنهم يكتبونه وأن ذكر اللسان مع حضور القلب أفضل من القلب وحده (١) والله أعلم.
٢٣١٧ - وَعَن مُعَاوِيَة - رضي الله عنه - أَن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج على حَلقَة من أَصْحَابه فَقَالَ مَا أجلسكم قَالُوا جلسنا نذْكر الله ونحمده على مَا هدَانَا لِلإِسْلامِ وَمن بِهِ