للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله صدقا من قلبه إِلَّا حرمه الله على النَّار قَالَ يَا رَسُول الله أَفلا أخبر بِهِ النَّاس فيستبشروا قَالَ إِذا يتكلوا وَأخْبر بهَا معَاذ عِنْد مَوته تأثما رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم (١).

تأثما أَي تحرجا من الإِثْم وخوفا مِنْهُ أَن يلْحقهُ إِن كتمه.

قَالَ المملي عبد الْعَظِيم وَقد ذهب طوائف من أساطين أهل الْعلم إِلَى أَن مثل هَذِه الإطلاقات الَّتِي وَردت فِيمَن قَالَ لا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة أَو حرم الله عَلَيْهِ النَّار وَنَحْو ذَلِك إِنَّمَا كَانَ فِي ابْتِدَاء الإِسْلَام حِين كَانَت الدعْوَة إِلَى مُجَرّد الإِقْرَار بِالتَّوْحِيدِ فَلَمَّا فرضت الْفَرَائِض وحدت الْحُدُود نسخ ذَلِك والدلائل على هَذَا كَثِيرَة متظاهرة وَقد تقدم غير مَا حَدِيث يدل على ذَلِك فِي كتاب الصَّلَاة وَالزَّكاة وَالصِّيَام وَالْحج وَيَأْتِي أَحَادِيث أخر مُتَفَرِّقَة إِن شَاءَ الله وَإِلَى هَذَا القَوْل ذهب الضَّحَّاك وَالزهْرِيّ وسُفْيَان الثَّوْريّ وَغَيرهم وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى لا احْتِيَاج إِلَى ادِّعَاء النّسخ فِي ذَلِك فَإِن كل مَا هُوَ من أَرْكَان الدّين وفرائض الإِسْلَام هُوَ من لَوَازِم الإِقْرَار بِالشَّهَادَتَيْنِ وتتماته فَإِذا أقرّ ثمَّ امْتنع عَن شَيء من الْفَرَائِض جحدا أَو تهاونا على تَفْصِيل الْخلاف فِيهِ حكمنَا عَلَيْهِ بالْكفْر وَعدم دُخُول الْجنَّة وَهَذَا القَوْل أَيْضا قريب وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى التَّلَفُّظ بِكَلِمَة التَّوْحِيد سَبَب يَقْتَضِي دُخُول الْجنَّة والنجاة من النَّار بِشَرْط أَن يَأْتِي بالفرائض ويجتنب الْكَبَائِر فَإِن لم يَأتِ بالفرائض وَلم يجْتَنب الْكَبَائِر لم يمنعهُ التَّلَفُّظ بِكَلِمَة التَّوْحِيد من دُخُول النَّار وَهَذَا قريب مِمَّا قبله أَو هُوَ هُوَ


(١) البخاري (١٢٨)، ومسلم (٣٢).