وفيه منزلة معاذ و [عزته] عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل علم معاذ أن [النهي عن الإخبار جاء لأن] لا يعتمدوا ويتركوا العمل والقوم يومئذ حديثي العهد بالإسلام فلما استقاموا وثبتوا وصاروا حريصين على العبادة حيث علموا أن عبادة الله تزيد تقربا إليه أخبرهم به أو علم أنه عليه السلام لم ينهه عن الإخبار بها نهي تحريم والله أعلم أو يقول أو لعل المنع ما كان إلا من العوام لأنه من الأسرار الإلهية لا يجوز كشفها إلا للخواص من أن يسمع ذلك من لا علم له فيشكل عليه ولهذا لم يخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - به إلا من آمن عليه الاتكال من أهل المعرفة وسلك معاذ أيضًا هذا المسلك حيث أخبر به أهلا لذلك، ولا يبعد أن يقال إن نداءه - صلى الله عليه وسلم - للتوقف في إفشاء هذا السر عليه [أيضا]، وفيه منزلة معاذ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١).
قال الحافظ رحمه الله: وقد ذهب طوائف من أساطين أهل العلم إلى أن مثل هذه الإطلاقات التي وردت فيمن قال لا إله إلا الله دخل الجنة أو حرم الله عليه النار ونحو ذلك إنما كان في ابتداء الإسلام حين كانت الدعوة إلى مجرد الإقرار بالتوحيد فلما فرضت الفرائض وحدت الحدود نسخ ذلك، والدلائل على هذا كثيرة متظاهرة، وقد تقدم غير ما حديث يدل على هذا في كتاب الصلاة والزكاة والصيام والحج والنسخ عبارة عن رفع الشارع - صلى الله عليه وسلم - حكما منه متقدما بحكم منه متأخرا هذا هو المختار في حده، وقيل فيه غير ذلك، ثم النسخ يعرف بأمور منها تصريح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به ككنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ومنها قول الصحابي: كان آخر لأمرين ترك الوضوء