للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يعلم أن استلامه لا يقصد به إلا تعظيم الله والوقوف على أمر نبيه عليه الصلاة والسلام، وأن ذلك من شعائر الحج التي أمر الله تعالى بتعظيمها وأن استلامه مخالف لفعل الجاهلية في عبادتهم الأصنام لأنهم كانوا يعتقدون أنها تقربهم إلى الله زلفى، فنبه عمر - رضي الله عنه - على مجانبة هذا الاعتقاد وأنه لا ينبغي أن يُعبد إلا من يملك الضر والنفع وهو الله تعالى، قاله الحافظ المنذري في حواشي مختصر سنن أبي داود (١).

وقال شيخ الإسلام النووي قدس الله سره (٢): هذا الحديث فيه فوائد منها: استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف بعد استلامه أى من غير صوت يظهر من التقبيل، وكذا يستحب السجود على الحجر أيضًا بأن يضع جبهته عليه فيستحب أن يستلمه ثم يقبله ثم يضع جبهته عليه، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب وابن عباس وطاووس والشافعي وأحمد قال، وبه أقول، وانفرد الإمام مالك عن العلماء فقال: السجود عليه بدعة، واعترض عليه القاضي عياض المالكي لشذوذ مالك في هذه المسألة عن العلماء، وأما الركن اليماني فيستلمه ولا يقبله بل يقبل اليد بعد استلامه، هذا مذهبنا، وبه قال جابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة رضي الله عنهم، وقال أبو حنيفة: لا يستلمه، وقال مالك والإمام أحمد: يستلمه ولا يقبل اليد بعده، وعن مالك رواية أنه يقبله، وعن الإمام


(١) انظر معالم السنن (٢/ ١٩١)، ومختصر السنن (٢/ ٣٧٣)، والعدة شرح العمدة (٢/ ١٠٠٠).
(٢) شرح النووي على مسلم (٩/ ١٦).