للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس شيء أكرم على الله من الدعاء" وقال في حديث آخر "الدعاء هو العبادة" قال الفقيه أبو الليث: ينبغي أن يدعو الله تعالى في كل وقت ويرفع جميع حوائجه فإن ذلك علامة العبودية فإن أحب عباد الله إلى الله من يسأله وأبغض الناس إلى الله من استغنى عنه وأحب الناس إلى الناس من استغنى عنهم ولا يسألهم شيئا وأبغض الناس إلى الناس من يسألهم انتهي، قال الحليمي (١): اعلم أن للدعاء أركانا وآدابا وقد ذكرت من كلام الغزالي في الأحاديث المقتدمة لكن الحليمي ذكر أشياء زائدة وأنا أذكر شيئا مما قاله الحليمي بحروفه فمن أركانه: أن لا يكون عليه في سؤال ما سأل حرج، ومنها: أن يكون له في السؤال غرض صحيح، ومنها: أن يكون حسن الظن بالله عز وجل فتكون الإجابة أغلب على قلبه من الرد، ومنها: أن يدعو الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلي، ومنها: أن يسأل جدا وحقيقة ولا يأخذ دعاء مؤلفا فيسرده سردا وهو عن حقائقه غافل، ومنها: أن لا يشغله الدعاء عن فريضة لله تعالى حاضرة فيفوتها، ومنها: أن يكون دعاؤه سؤالا بالحقيقة لا اختبارا للرب تعالي، ومنها: أن يصلح لسانه إذا دعا ولا يخاطب ربه تعالى بما لو خاطب به كفؤه وقريبه لنسبه إلى قلة الحياء أو سوء الأدب أو ركاكة العقل، ومنها: أن لا يدعو ضجرا مستعجلا، ومنها: أن حاجته إذا عظمت لم يسألها الله تعالى مستعظما إياها في ذات الله تعالى بل يسأله الحاجة الصغيرة والكبيرة سؤالا واحدا ويرى منه المحافظة على الدعاء في الرخاء دون تخصيص الشدة والبلاء، ومنها: أن يقتصر على جوامع الدعاء ما لم تعرض


(١) المنهاج (١/ ٥٢٢ - ٥٢٣).