للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رجلًا فيما قال أبو هريرة وما لهم ذرية، ثم لما فتح اللّه عليهم البلاد ومهد لهم المهاد [تأمروا] وبالأسباب أمروا قال تعالى لمريهم عليها السَّلام {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (٢٥)} (١) وقد كان قادرًا على سقوط الرطب من غير هز ولا تعب، شعر:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ أوْحَى لمريمٍ ... إليكِ فهُزي الجذعَ تسَّاقَطِ الرُّطَبْ

وَلَوْ شَاءَ أَحْنَى الْجِذْعَ مِنْ غَيْرِ هَزِّهِ ... وَلَكِنْ كُلَّ شَيْءٍ لَهُ سَبَبْ (٢)

تنبيه: قال الإمام القرطبي: لعل ظانا يظن أن الأسباب تحط منزلة من استعملها وليس كذلك، فإن استعمال الكسب لا يقدح في التوكل وهو كان دأب الأنبياء والصالحين كما تقدم، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "جعل رزقي تحت ظل رمحي" الحديث، رواه البخاري (٣)، فجعل اللّه تعالى رزق نبيه في أشرف وجوه المكسب وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدخر لأهله قوت سنة واشترى سلمان، وسقا من طعام فقيل له في ذلك فقال: إن النفس إذا أحرزت القوت اطمأنت (٤)، انتهى.

سؤال: لم وضع اللّه المكاسب في الدنيا؟ قيل: لثلاثة أوجه أحدها [أنه أراد أن يعمر] الآخرة فزينها بشرائع الآخرة وأراد أن يعمر الدنيا [فزينها] بكسب


(١) سورة مريم، الآية: ٢٥.
(٢) قمع الحرص (ص ١٠٧).
(٣) البخاري تعليقًا ممرضا (٤/ ٤٠).
(٤) قمع الحرص (ص ١٠٤).