للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وحاصل الأمر أن الله تعالى أنزل على نبيه - صلى الله عليه وسلم - الكتاب وفيه للأمة ما تحتاج إليه من حلال وحرام كما قال الله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} (١) أمروا به ونهوا عنه قاله ابن رجب الحنبلي في شرح الأربعين النواوية (٢).

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس" والمشتبهات ما تردد بينهما فقامت فيه شبهة الحل وشبهة الحرمة (٣) ومعناه أنها ليست بواضحة الحل ولا الحرمة فلهذا لا يعرفها كثير من الناس ولا يعلمون حكمها وأما العلماء الراسخون في العلم فلا يشتبه عليهم ذلك فيعرفون حكمهما بنص أو قياس أو استصحاب وغير ذلك فإن تردد الشيء بين الحل والحرمة ولم يكن فيه نص ولا إجماع اجتهد فيه المجتهد فألحقه بأحدهما بالدليل الشرعي فإذا ألحقه بأحدهما بالدليل الشرعي فإذا ألحقه بأحدهما صار حلالا وقد يكون دليله غير خال عن الاحتمال البين فيكون الورع تركه ويكون داخلا في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فمن توقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه" فيه شيء وهو مشتبه فهل يؤخذ بحله أم بحرمته أم يتوقف فيه ثلاثة مذاهب حكاها القاضي عياض وغيره والظاهر أنها مخرجة على الخلاف المعروف في حكم الأشياء قبل ورود الشرع وفيه أربعة مذاهب الأصح أنه لا يحكم


(١) سورة النحل، الآية: ٨٩.
(٢) جامع العلوم والحكم (١/ ٢٠٢ - ٢٠٣).
(٣) التعيين (ص ٩٧).