للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} (١) وبهذا الحديث فإنه - صلى الله عليه وسلم - جعل صلاح الجسد وفساده تابعًا للقلب مع أن الدماغ من جملة الجسد فيكون صلاحه وفساده تابعا للقلب فعلم أنه ليس محلًا للعقل، واحتج القائلون بأنه في الدماغ بأنه إذا فسد الدماغ فسد العقل ويكون من فساد الدماغ الصرع في زعمهم، قال النووي (٢): ولا حجة لهم في ذلك لأن الله تعالى أجرى العادة بفساد العقل عند فساد الدماغ مع أن العقل ليس فيه ولا امتناع في ذلك، وفي الحديث تنبيه على أن طيب المكاسب مصلح للقلب وخبيث المكاسب مفسد له والمراد بإفساده عدم حفظة من الآفات لتجرده عن لباس التقوى الذي هو حمى له من آفات الدنيا وعذاب الآخرة.

فائدة: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله" الحديث، فيه إشارة إلى أن صلاح حركات العبد بجوارحه واجتنابه للمحرمات واتقائه للشهوات بحسب صلاح حركة قلبه، فإن كان قلبه سليما ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يحبه وخشية الله وخشية الوقوع فيما يكرهه صلحت حركات الجوارح كلها، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات كلها وتوقى الشبهات حذرا من الوقوع في المحرمات وإن كان القلب فاسدا قد استولى عليه اتباع هواه وطلب ما يحبه ولو كرهه الله فسدت حركات الجوارح كلها ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات كلها وتوقي


(١) سورة ق، الآية: ٣٧.
(٢) شرح النووى على مسلم (١١/ ٢٩).