للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فكأنما ضيق على اللّه تعالى ما جعل فيه سعة ولا شك في غلظ (تحريم) ما فعل وشدة قبحه وإنما كان من يمنع فضل الماء للماشية عاصيا فكيف من يمنعه الأدمي المحترم فإن الكلام فيه فلو كان ابن السبيل غير محترم كالحربي والمرتد لم يجب بذل الماء له (١) واللّه أعلم.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ورجل بايع رجلا سلعة بعد العصر فحلف باللّه لأخذها بكذا وكذا فصدقه فأخذها وهو على غير ذلك" وفي رواية "ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر" الحديث وأما الحالف ففيه دليل على تعظيم حرمة مال المسلم والكذب وإن ذلك من الكبائر لهذا الوعيد العظيم وإن أستحل ذلك كان على ظاهره وإلا كان عاصيا ويؤول كما سبق في نظائره في العفو عن ذلك أو إن جازاه كان كذلك واللّه أعلم، وأما الحالف (بيمين كاذبة على محلوف عليه غير واقع وهو عالم به) بعد العصر فمستحق هذا الوعيد وخص المبايعة بعد العصر لأن اللّه تعالى عظم شأن هذا الوقت فقال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (٢) وهي صلاة العصر روى ذلك عن جماعة من الصحابة، وقيل خص ما بعد العصر لشرف بسبب اجتماع ملائكة الليل وكملائكة النهار وغير ذلك قال الخطابي (٣): خص وقت العصر بتعظيم الإثم فيه وإن كانت اليمين الفاجرة محرمة كل وقت لأن اللّه تعالى (عظم شأن هذا الوقت وقد روي أن) الملائكة تجتمع فيه وهو ختام


(١) شرح النووي على مسلم (٢/ ١١٧)، وتسهيل الاقتصاد (لوحة ٢١١).
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٣٨.
(٣) أعلام الحديث (٢/ ١١٧٥).