قيل فيه وكان القائل صادقا ولم يقصد أذاه بذلك وإنما قصد أنه ينزجر بذلك (فيرجع) إلى الحق ويحتمل أنه إنما تركه ولم ينهه لأن المقول له لم يطلب حقه في ذلك والصواب الأول.
قوله: فانطلق ليحلف أنه لم يحلف بحضرته - صلى الله عليه وسلم - بل انطلق ليحلف وهذا دليل على أن اليمين لا تبذل أمام الحاكم بل لها موضوع مخصوص وهو أعظم مواضع البلد كالبيت بمكة والمنبر بالمدينة وبيت المقدس والجوامع في سائر الأمصار باليمين بتافه وخالف أبو حنيفة في ذلك فقال: لا تكون اليمن إلا حيث كان الحاكم وظاهر الحديثان أن المدعي عليه إذا حلف أقطعت حجة خصمه وبقي المدعى عليه في يده وملكه ا. هـ قاله في شرح الإلمام واختلف العلماء في هذه المسألة وهي ما إذا أدعى على غريمه شيئا فأكره وأحلفه ثم أراد إقامة البينة عليه بعد الإحلاف فله ذلك عند الشافعية وعند المالكية ليس له ذلك إلا أن يأتي بعذر في ترك إقامة البينة وربما يتمسكون بقوله - صلى الله عليه وسلم - شاهد لك أو يمينه ووجه الدلالة منه أن أو تقتضي أحد الشيئين فلو أخرنا إقامة البينة بعد التحليف لكان له الأمران معا أعني اليمين وإقامة البينة، والجواب إن ذلك سبق لبيان حصر الحجة في السببين المذكورين إذا لم تقم للأصل وقد يستدل الحنفية.
بقوله: - صلى الله عليه وسلم - "شاهد لك أو يمينه على ترك العمل بالشاهدين واليمين" والله أعلم، وفيه أن الوارث إذا ادعى شيئا لموروثة وعلم الحاكم أن موروثة مات ولا وارث له سوى هذا المدعي جاز الحكم له به ولم يكلفه حال الدعوى