للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: "من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار" الحديث وفي لفظ الترمذي "كن له حجابا من النار" وروي "من بلي من هذه البنات بشيء" كذا هو بضم الباء وهو الصَّواب ابتلى على البناء للمفعول أي امتحن واختبر فالابتلاء هو الامتحان وقد يكون في الخير والشر معا وقال القتيبي: يقال في الخير ابتليته وفي الشر بلوته وإنما ذكرهن (بالابتلاء) لموضع الكراهة لهن والثواب إنما يعظم بحمل المكروه (١) قاله في الحواشي وقال النووي (٢): وإنما سماه ابتلاء لأن الناس يكرهونه في العادة قال اللّه تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} (٣) ومقتضاه أنه من البلاء والأولى أنه من الاختبار أولى واللّه أعلم ودخل في الحديث إذا كان المبتلى بذلك رجلًا وما إذا كان امرأة وسواء كانت بنت المربى لها أم لا وسواء كانت يتيمة أم لا والظاهر أن الإشارة في قوله: من هذه البنات للتنفير وهو بحسب اعتقاد المخاطب لا في نفس الْأَمر وهو أيضًا إشارة إلى جنسهن وإنما خص البنات بذلك لضعف قوتهن وقلة حيلتهن وعدم استقلالهن واحتياجهن إلى التحضير وزيادة كلفتهن والاستثقال بهن وكراهتهن من كثير من الناس فإنهم يخالفونهم في جميع ذلك.

قوله: بشيء يصدق بالقليل والكثير فيتناول الواحدة فالإحسان إليهن ستر


(١) كشف المشكل (٤/ ٣٩٤).
(٢) شرح النووي على مسلم (١٦/ ١٧٩).
(٣) سورة النحل، الآية: ٥٨.