للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"سبق درهم مائة ألف درهم" (١) وسيأتي الكلام على معناه في الصدقة إن شاء الله، فإن قيل: قد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "وإنما الصدقة عن ظهر غنى" (٢) وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لكعب بن مالك: "أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك" (٣)، قلنا: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإنما الصدقة عن غنى"، فليس بينه وبين قوله حين سئل أي الصدقة أفضل، قال: "جهد المقل" منافاة إذا أراد إخراج ما تفتقر الحاجة إليه، وإن كان شيئًا يسيرًا؛ وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - لكعب بن مالك: "أمسك عليك بعض مالك" فهو منطبق على ما ذكرناه من إمساك ما يحتاج إليه في نفقته ونفقة من يقوته وفضل دين إن كان، فإن قيل: قد ثبت أن الصديق - رضي الله عنه - خرج من ماله بأسره حتى تخلل بعباءة فلم ينكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قلنا: الناس يتفاوتون في التوكل، وأين رتبة كعب بن مالك من رتبة الصديق - رضي الله عنه -، فلما كان كعب بن مالك ممن لا يثبت على القلة، قلت له: امسك عليه بعض مالك، ولما كان الصديق - رضي الله عنه - قد انتهى له الغاية القصوى في التوكل والثقة بما عند الله تعالى أقره رسول الله - رضي الله عنه - على الخروج من الدنيا، وقد ثبت عن


(١) أخرجه أحمد ٢/ ٣٧٩ (٨٩٢٩)، والنسائي في المجتبى ٤/ ٥٣٤ (٢٥٤٦) و ٤/ ٥٣٥ (٢٥٤٧)، وابن خزيمة (٢٤٤٣)، وابن حبان (٣٣٤٧). وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (٨٨٣).
(٢) أخرجه البخاري (١٤٢٦) و (٥٣٥٥) و (٥٣٥٦) عن أبي هريرة، والبخاري (١٤٢٧) ومسلم (٩٥ - ١٠٣٤) عن حكيم بن حزام.
(٣) أخرجه البخاري (٤٤١٨) ومسلم (٥٣ - ٢٧٦٩).