للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حديث آخر: "إن الله يبغض الشيخ الغريب" (١) أي الذي يخضب بالسواد يعني لحيته وإسناده جيد يعني الحديث الأول وهذا يدل على التحريم، وفيه خلاف الأصح عندنا التحريم واختاره النووي ولقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الآخر: "واجتنبوا السواد" (٢).

قال النووي (٣): هذا مذهبنا وممن صرح بتحريمه أقضى القضاة الماوردي صاحب الحاوي في كتاب الصلاة في باب النجاسة قال: إلا أن يكون في الجهاد، وذكر في آخر كتابه الأحكام السلطانية (٤) يمنع المحتسب الناس من خضاب الشيب بالسواد إلا المجاهد، وقد علل أيضا بأنه من باب التدليس على النساء وبأنه سواد في الوجه فيشبه سيما أهل النار ولا فرق في المنع من الخضاب بالسواد بين الرجل والمرأة هذا مذهبنا وحكي عن إسحاق بن راهويه أنه رخص فيه للمرأة تتزين به لزوجها وقيل يكره الصبغ بالسواد ولا يحرم وبه قال الغزالي في الإحياء والبغوي في التهذيب وآخرون من الأصحاب وظاهر عبارتهم أنه مكروه كراهة تنزيه بل قد روي عن جماعة كثيرة من الصحابة والسلف أنهم كانوا يصبغون بالسواد منهم عمر وعثمان


(١) أخرجه ابن عدى في الكامل (٤/ ٨٤ - ٨٥) من طريق رشدين عن أبي صخر حميد بن زياد عن يزيد بن قسيط، عن أبي هريرة. وقال: وهذا الحديث بهذا اللفظ يرويه رشدين.
(٢) أخرجه مسلم (٧٩ - ٢١٠٢)، وأبو داود (٤٢٠٤)، والنسائي في المجتبى ٨/ ٤٢ (٥١٢٠) والكبرى (٩٢٩٤) عن جابر.
(٣) المجموع شرح المهذب (١/ ٢٩٤).
(٤) الأحكام السلطانية (ص ٣٧٣).