للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بكر الصديق وأما من كان أسخط فهو الذي أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن لا يغيره وقال من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة ولذلك لم يغير النبي -صلى الله عليه وسلم- شيبه لقلته مع أن تغيير الشيب ندب لا فرض ولو لم يكن كذلك لكان تارك الشيب قد أنكروا على المغيرين وأنكر المغيرون على تاركي التغيير وقد قال بعض العلماء إن الأمر في ذلك محمول على حالين أحدهما عادة البلد ممن كانت عادة موضعه ترك الصبغ فخروجه عن المعتاد شهرة تقبح وتكره وثانيهما اختلاف حال الناس في شيبهم فرب شيبة نقية بيضاء هي أجمل منها مصبوغة وبالعكس فمن قبحه الخضاب اجتنبه ومن حسنه استعمله فاختلاف السلف بحسب اختلاف أحوالهم مع أن الأمر والنهي في ذلك ليس للوجوب والتحريم بالإجماع ولهذا لم ينكر بعضهم على بعض خلافه فيه ولا يجوز أن يقال فيهما ناسخ ومنسوخ وللخضاب فائدتان إحداهما تنظيف الشعر مما يتعلق به من الغبار والدخان والأخرى مخالفة أهل الكتاب لقوله -صلى الله عليه وسلم- "خالفوا اليهود والنصارى فإنهم لا يصبغون" ولكن هذا الصباغ يغير السواد تمسكا لقوله -صلى الله عليه وسلم- "واجتنبوا السواد" الحديث (١) اهـ.

فائدة: قال القاضي (٢): اختلف العلماء هل خضب النبي -صلى الله عليه وسلم- أو لا فمنعه الأكثرون لحديث أنس وهو قول مالك وقال بعض المحدثين خضب لحديث أم سلمة ولحديث أم عمر أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يصبغ بالصفرة وقال بعضهم جمع بين الأحاديث بما أشار إليه في حديث أم سلمة من كلام أنس


(١) إكمال المعلم (٦/ ٦٢٤ - ٦٢٦) وشرح النووي على مسلم (١٤/ ٨٠).
(٢) إكمال المعلم (٧/ ٣٠٩).