للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أقول: ويحتمل أن يكون على الحقيقة فإن الله على كل شيء قدير، وسمي المأكول والمشروب نارا لأنه يؤول إليها كما في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} (١) فهذا نص في تحريم الأكل والشرب وقيس عليه في الباقي (٢).

تنبيه: ظاهر النهي التحريم ثم التحريم هل هو تعبد أم لمعنى منهم من رآه مختصا بعينهما كما في الفرائض وغيره ومنهم من قال: إنما حرم للخيلاء والتشبه بالأعاجم وقال الإمام والعراقيون: معنى الخيلاء لا بد من اعتباره والله أعلم.

قال القاضي عياض رحمه الله تعالى (٣): واختلفوا في المراد بالحديث فقيل: هو إخبار عن الكفار من ملوك العجم وغيرهم الذين عادتهم فعل ذلك كما في الحديث الآخر فهي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة أي هم المستعملون لها في الدنيا وكما قال -صلى الله عليه وسلم- في ثوب الحرير إنما يلبس هذا من لا خلاق له في الآخرة، أي لا نصيب له قال: وقيل المراد نهي المسلمين عن ذلك وأن من ارتكب هذا النهي استوجب هذا الوعيد وقد يعفوا الله عنه وهذا كلام القاضي، قال النووي: والصواب أن النهي يتناول جميع من يستعمل إناء الذهب أو الفضة من المسلمين والكفار لأن الصحيح أن الكفار مخاطبون


(١) سورة النساء، الآية: ١٠.
(٢) شرح النووي على مسلم (١٤/ ٢٨).
(٣) إكمال المعلم (٦/ ٥٦٤)، وشرح النووي على مسلم (١٤/ ٢٨ - ٢٩).