للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: "من يرد الله به خيرًا" مشتق من الإرادة وهي عند الجمهور صفة مخصصة لأحد طرفي المقدور بالوقوع، وقيل: اعتقاد النفع أو الضر، وقيل: ميل يتبعه الاعتقاد، وهذا لا يصح في الإرادة القديمة، وقوله: "خيرًا" أي: منفعة وهي اللذة (١)، فالمعنى: من يرد الله به جميع الخيرات (٢)، و"يفقهه في الدين" أي: يفهمه، إذ الفقه الفهم، وفي بعض الروايات: "من يرد الله به خيرًا يفهمه في الدين "وكلاهما صحيح المعنى (٣)، فأصل الفقه في اللغة: الفهم، والتفقه: أخذ الفقه شيئًا فشيئًا، وقيل: فهم الأشياء الدقيقة، وفي الاصطلاح: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية (٤).

فالفقه: الفهم، كما تقدم والتبصر بكلام الله وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فرب سامع لم يفهم ورب سامع فهم، ورب فاهم وغيره أفهم منه، قيل: استفتى الحسن البصري في مسألة فأجاب، فقيل له: إن فقهاءنا لا يقولون مثل هذا فقال: وهل رأيت فقيها قط، الفقيه القائم ليله الصائم نهاره الزاهد في الدنيا الذي لا يداري ولا يماري، ينشر حكمة الله فإن قبلت منه حمد الله تعالى وإن ردت عليه حمد الله تعالى (٥)، وفقه عن الله أمره ونهيه وعلم من صفاته ما يحبه ويكرهه، فذلك هو العالم الذي قيل فيه: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين"،


(١) الكواكب الدراري (٢/ ٣٧).
(٢) عمدة القارى (٢/ ٥١)، وإرشاد السارى (٥/ ٢٠٤).
(٣) مشارق الأنوار (٢/ ١٦٢).
(٤) النجم الوهاج (١/ ١٩١).
(٥) أخرجه ابن المبارك في الزهد (٣٠).