وفسد ذهنه وصار بطيء الفهم والإدراك وقال أبو سليمان الداراني عليك بالجوع فإنه مذلة للنفس ورقة للقلب وهو] يورث العلم السماوي، قال ابن عباس: من شبع [ونام قسا] قلبه وإن لكل (شئ) زكاة وزكاة الجسد الجوع، الثانية: رقة القلب، قال أبو سليمان: القلب إذا شبع عمي و [القلب] إذا جاع صفا ورق، الثالثة: الانكسار والذل وزوال البطر والفرح والأشر الذي [هو مبدأ] الطغيان والغفلة عن الله تعالى [ولا] ينكسر القلب ولا تذل بشيء كما تذل بالجوع ومن لم يشاهد ذل [نفسه و] عجزه لم ير عز مولاه وقهره ولذلك لما عرضت على النبي -صلى الله عليه وسلم- الدنيا وخزائنها قال:"لا أجوع يوما وأشبع يوما، إذا جفت صبرت وتضرعت، وإذا شبعت شكرت".
الرابعة: أن لا ينسى بلاء الله وعذابه ولا ينسى أهل البلاء لأن الشبعان ينسى الجائعين ولذلك قيل ليوسف عليه الصلاة والسلام لم تجزع وفي يدك خزائن الأرض، قال: أخاف أن أشبع فأنسي الجائع فذكر الجائعين وذكر المحتاجين أحد فوائد الجوع فإن ذلك يدعوا إلى الرحمة والشفقة على خلق الله تعالى، والشبعان في غفلة عن الجائع، الخامسة: كسر شهوات المعاصي لها، قال ذو النون: ما شبعت قط إلا عصيت أو هممت بمعصية، وقالت عائشة: أول بدعة حدثت بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الشبع إن القوم لما شبعت بطونهم جمحت بهم نفوسهم إلى الدنيا، وأقل ما يندفع بالجوع شهوة الفرج وشهوة الكلام فإن الجائع لا يتحرك عليه شهوة فضول الكلام فيتخلص به من آفات اللسان ولا يكب النار في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم،