وموصولا قوله قرم أهلي أي اشتدت شهوتهم للحم قال الحليمي رحمه الله وهذا الوعيد من الله تعالى وإن كان للكفار الذين يقدمون على الطيبات المحظورة ولذلك قال {فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ}[الأحقاف: ٢٠] فقد يخشى مثله على المنهمكين في الطيبات المباحة لأن من يعودها مالت نفسه إلى الدنيا فلم يؤمن أن يرتبك في الشهوات والملاذ كلما أجاب نفسه إلى واحد منها دعته إلى غيرها فيصير إلى أن لا يمكنه عصيان نفسه في هوى قط وينسد باب العبادة دونه فإذا آل به الأمر إلى هذا لم يبعد أن يقال أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون فلا ينبغي أن تعود النفس ربما تميل به إلى الشره ثم يصعب تداركها ولترض من أول الأمر على السداد فإن ذلك أهون من أن تدرب على الفساد ثم يجتهد في إعادتها إلى الصلاح والله أعلم قال البيهقي وروينا عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه اشترى من اللحم المهزول وجعل عليه سمنا فرفع عمر يده وقال والله ما اجتمعا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قط إلا أكل أحدهما وتصدق بالآخر فقال ابن عمر اطعم يا أمير المؤمنين فوالله لا يجتمعان عندي أبدا إلا فعلت ذلك (١).
قوله:"وروى مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أدرك جابر بن عبد الله ومعه حامل لحم فقال أما يريد أحدكم أن يطوي بطنه لجاره وابن عمه".
(١) أخرجه البيهقي في الشعب (٧/ ٤٦١ - ٤٦٢ رقم ٥٢٨٤). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (١٣٠٠).