غيره، حاق الجوع: هو شدته وكلبه، قاله الحافظ، وقال في النهاية (١): حاق الجوع أي صادقه وشدته ويروي بالتخفيف من حاق يحيق حيقا وحاقا إذا أحدق يريد من اشتمال الجوع عليه فهو مصدر أقامه مقام الاسم وهو مع التشديد اسم فاعل من حق يحق، أ. هـ.
قوله: فبينما هما كذلك إذ خرج عليهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:"ما أخرجكما هذه الساعة؟ " قالا: والله ما أخرجنا إلا ما نجده في بطوننا من حاق الجوع، معناه: أنهما -رضي الله عنهما- لما كانا عليه من مراقبة الله ولزوم طاعته والاشتغال به فعرض لهما هذا الجوع الذي يزعجهما ويقلقهما ويمنعهما من كمال النشاط للعبادة وتمام التلذذ بها سعيا في إزالته بالخروج في طلب سبب مباح يدفعانه به وهذا من أكمل الطاعالت وأكمل أنواع المراقبات، وقد نهي عن الصلاة مع مدافعة الأخبثين وبحضرة الطعام تشوق النفس إليه وغير ذلك مما يشغل القلب، ونهي القاضي عن القضاء في حال غضبه وجوعه وهمه وغير ذلك مما يشغل قلبه ويمنعه كمال الفكر، وهذا يدلّ على شدة حالهم في أول أمرهم وسبب ذلك أن أهل المدينة كانوا في [شظف] من العيش عندما قدم عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- مع المهاجرين وكان المهاجرون فروا بأنفسهم وتركوا أموالهم وديارهم وقدموا فقراء على أهل شدة وحاجة مع أن الأنصار واسوهم ومنحوهم غير أن ذلك ما كان يسد خلاتهم ولم يزل ذلك دأبهم إلى أن فتح الله عليهم، ومع ذلك فلم يزل