للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله تعالى" المنصب والنصاب لغة الأصل، قال السموأل بن عادياء اليهودي:

ونحن كماء المزن في نصابنا ... كهام ولا فينا يعد بخيل

أراد بقوله "ما في نصابنا" أي: ما في أصلنا، والظاهر أن المراد بهذه المرأة الطالبة للزنى بها، وقال بعض العلماء: يحتمل أن يراد بها الطالبة للتزويج ويكون قوله إني أخاف الله راجعًا إلى الخوف من عدم القيام بالواجب من مؤن النكاح والله أعلم (١).

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ورجل تصدق بصدقة فأخفاها" هذه صدقة التطوع في قول ابن عباس وأكثر العلماء وهو حض على الإخلاص في الأعمال والتستر بها ويستوي في ذلك جميع أعمال البر التطوعية فأما الفرائض فالأولى إشاعتها وإظهارها لتتحفظ قواعد الدين ويجتمع الناس على العمل بها فلا يضيع منها شيء، ويظهر بإظهارها جمال دين الإسلام وتعلم حدوده وأحكامه والإخلاص واجب في جميع القرب، والرياء مفسد لها.

قوله: "حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" هذا مبالغة في إخفاء الصدقة، وقد سمعنا من بعض المشايخ أن ذلك أن يتصدق على الضعيف في صورة المشتري منه فيدفع له جرهما مثلا في شيء يساوي نصف درهم فالصورة مبايعة والحقيقة صدقة وهو اعتبار حسن (٢) وتقدم ذكر هذا الكلام في صدقة السر.


(١) قاله القاضي عياض في إكمال المعلم (٣/ ٥٦٣).
(٢) قاله القرطبي في المفهم (٩/ ٤٥).