للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أشغال الدنيا ولا تخلي أكبر من بذل النفس في سبيل الله ليقتل وأيضا فإن أولئك المترهبة كانوا يزعمون أنهم إنما يتخلون في الصوامع والديورات من الناس لئلا يؤذوا أحدا ولا أذى أشد من ترك المبطل على باطله لأن ذلك يعرضه للنار فإن تكن الرهبانية دفع الأذى عن الناس فالجهاد دافع عن المجاهدين أعظم الأذى فهو الرهبانية إذن لا ما تتوهمه النصارى (١)، أ. هـ.

قال الإمام أبو موسى رحمه الله (٢): وعندي وجه آخر أوجه مما ذكره الحليمي وهو أن يكون معناه كما أن عند النصارى لا عمل أفضل من الترهب ففي الإسلام لا عمل أفضل من الجهاد ولا درج أرفع من درجته ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "ذروة سنام الإسلام الجهاد في سبيل الله" والله تبارك وتعالى أعلم.

والترهب التعبد بخشية وهو من باب التكلف كأنه يتكلف الرهبة والخوف من الله ويقصده ويتخلق به، قال ابن قتيبة: الرهبانية لزوم الصوامع وترك أكل اللحم والتفرد من الناس بحيث لا يحضر جمعة ولا جماعة وهو المنهي عنه (٣).

وأيضا أن المترهبة يجري على أيديهم مما هو احتساب عندهم وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر ما لا يقدر على الاتساع منه آمر ولا مأمور فقيل الجهاد رهبانية هذه الأمة لأنه رأس الأمر والنهي ولا يحابى فيه من


(١) المنهاج (٢/ ٤٧٤).
(٢) المجموع المغيث (١/ ٨٢٣ - ٨٢٤).
(٣) المصدر السابق في نفس الموضع.