للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عليهم الشرف والرياسة وهو حريص عليهما لا يقدم على الإنكار بل ربما حسن لهم بعض أفعالهم القبيحة تقربا إليهم ليحسن موقعه عندهم ويساعدوه على غرضه، وقد كان كثير من السلف ينهون عن الدخول على الملوك لمن أراد أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر أيضًا وممن نهي عن ذلك عمر بن عبد العزيز وابن المبارك والثوري وغيرهم من الأئمة، وقال ابن المبارك: ليس الآمر الناهي عندنا من دخل عليهم فأمرهم ونهاهم إنما الآمر الناهي من اعتزلهم وسبب هذا ما يخشى من فتنة الدخول عليهم فإن النفس قد تخيل للإنسان إذا كان بعيدا عنهم أنه يأمرهم وينهاهم ويغلظ عليهم فإذا شاهدهم فربما مالت النفس إليهم لأن محبة الشرف كامن في النفس محسنت له بذلك مداهنتهم وملاطفتهم وربما مال إليهم وأحبهم ولا سيما إن لاطفوه وأكرموه وقبل ذلك منهم وقد جرى ذلك لابن طاووس مع بعض الأمراء بحضرة أبيه طاووس فوبخه طاووس على فعله ذلك، أ. هـ ذكره ابن رجب الحنبلي (١).

وقال أبو حازم: إن بني إسرائيل لما كانوا على الصواب كانت الأمراء تحتاج إلى العلماء وكانت العلماء تفر بدينها من الأمراء فلما رأى ذلك قوم من رذالة الناس تعلموا ذلك العلم وأتوا به أبواب السفهاء فاستغنت بهم عن العلماء واجتمع الناس على المعصية فسقطوا وانتكسوا ولو كان علماؤنا هؤلاء يصونون علمهم لم تزل الأمراء تهابهم (٢).


(١) مجموع رسائل ابن رجب (١/ ٨٥ - ٨٦).
(٢) أخرجه الدينورى في المجالسة (٣٤٥٦)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٢٢/ ٤٠).