للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فائدة فيها بشرى: روى مسلم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام فبها يتعاطفون وبها يتراحمون وبها يعطف الوحش على ولدها وحتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه" (١) وإنما خص الوحش بالذكر لنفورها وعدم استيناسها (٢).

فهذا الحديث من أحاديث الرضى والبشارة للمسلمين، قال العلماء: لأنه إذا حصل للإنسان من رحمة واحدة في هذه الدار المبنية على الأكدار الإسلام والقرآن والصلاة والرحمة في قلبه وغير ذلك مما أنعم الله تعالى به فكيف الظن بمائة رحمة في الدار الآخرة وهي دار القرار ودار الجزاء (٣).

قال السختياني: إن رحمة قسمها في دار الدنيا وأصابني منها الإسلام إني لأرجوا من تسعة وتسعين رحمة ما هو أكثر من ذلك (٤).

قال العلماء: وأما تخصيص رحمته سبحانه وتعالى بالمائة فالظاهر كون ذلك للتكثير كما ثبت في غيرها من الأعداد فإن أقسام رحمة الله تعالى على عباده خارجة عن الحصر والله أعلم، وقال بعضهم أيضًا: فإن قلت رحمة الله غير متناهية لا مائة ولا مائتان؟ قلت: الرحمة عبارة عن القدرة المتعلقة [بإرسال] الخير والقدر صفة واحدة، والتعلق هو غير متناه فحصره على مائة


(١) أخرجه هناد في الزهد (٢/ ٦١٤)، ومسلم (١٩ - ٢٧٥٢) عن أبي هريرة.
(٢) حياة الحيوان (٢/ ٥٣٥).
(٣) شرح النووي على مسلم (١٧/ ٦٨ - ٦٩).
(٤) شعب الإيمان (٢/ ٣٣٤).