للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لعن فعاله واللعن يقتضي التحريم وأما وسم غير الوجه من غير الآدمي فجائز بلا خلاف عندنا لكن يستحب في نعم الزكاة والجزية، ولا يستحب في غيرها ولا ينهى عنه وفائدته تمييز بعض الحيوان عن بعض، فقد نقل ابن [الصباغ وغيره] إجماع الصحابة على استحبابه في نعم الزكاة والجزية، وقال أبو حنيفة هو مكروه لأنه تعذيب ومثلة وقد نهى عن المثلة (١).

قلنا: حديث الوسم خاص فوجب تقديمه على النهي عن المثلة (٢).

وقد ذكر في المفهم سر تخصيص الوجه بالنهي عن ضربه واحترامه وتشريفه على سائر الأعضاء الظاهرة قال (٣): لأنه الأصل في خلقة الإنسان وغيره من الأعضاء خادم له لأنه الجامع للحواس التي تحصل بها الإدراكات المشتركة بين الأنواع المختلفة ولأنه أول الأعضاء في الشخوص والمقابلة والتحدث والقصد ولأنه مدخل الروح ومخرجه ولأنه مقر الجمال والحس ولأن به قوام الحيوان كله ناطقة وغير ناطقة قال: وقد مر - عليه السلام - برجل يضرب عبده فقال: "اتق الوجه فإن الله خلق آدم على صورته" أي صورة المضروب، قال: ومعنى ذلك والله أعلم أن المضروب من ولد آدم ووجهه كوجهه في أصل الخلقة ووجه آدم مكرم مشرف لأن الله خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأقبل عليه بكلامه وأسجد له ملائكته وإذا كان ذلك الوجه يشبه ذلك الوجه فينبغى أن يحترم كاحترامه والله أعلم.


(١) شرح النووي على مسلم (١٤/ ٩٩ - ١٠٠).
(٢) المصدر السابق (١٤/ ١٠٠).
(٣) المفهم (١٧/ ١١٣).