للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال أهل اللغة: يقال بعير موسوم إذا أثر فيه بكي يقال: وسمه يسمه وسما وسمة دل الحديث على حرمة وسم الدواب بالنار في الوجه، فإن قيل: كيف التوفيق بين هذا وبين ما ورد من الأحاديث في النهي عن لعن المسلم مع أن الواسم لم يرتكب في صنيعه ذلك كبيرة؟ قلنا: يحتمل أن الواسم لم يكن مسلما أو كان من أهل النفاق أعلمه بذلك ربه سبحانه وتعالى فلم يصرح به ليكون أدعى إلى الانزجار عما زجر عنه، ويحتمل أن ذلك لم يكن على وجه الدعاء عليه بل على سبيل الإخبار عن الغيب واستحق ذلك لأنه علم بالشيء فأقدم عليه مستهينا به كذا في الميسر (١) ذكره في شارح مشارق الأنوار.

قوله: وفي رواية له "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه" تقدم الكلام على الوسم في الوجه، وأما الضرب في الوجه، قال النووي (٢): الضرب في الوجه منهي عنه في كل الحيوان المحترم من الآدمي والحمير والخيل والإبل والبغال والغنم وغيرها ولكن في الآدمي أشد لأنه مجمع المحاسن مع أنه لطيف يظهر فيه أثر الضرب وربما شانه وربما أذى بعض الحواس.

تنبيه: يحرم ضرب الحمار وضرب غيره من الحيوان المحترم بالإجماع، وفي رسالة القشيري في باب كرامات الأولياء، سمعت أبا سليمان الخواص يقول: كنت راكب حمار يوما وكان الذباب يؤذيه فيطأطي رأسه فكنت أضرب رأسه بخشبة في يدي فرفع الحمار إليّ رأسه وقال: "اضرب فإنك


(١) الميسر (٣/ ٩٣٧).
(٢) شرح النووي على مسلم (١٤/ ٩٧).