واعلم أن في تمثيل النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا في الحديث جملة من الفوائد منها أن المسلمين مشتركون في الدين الذي هو آلة النجاة كاشتراك أهل الدنيا في السفينة التي آلة النجاة في الدنيا وكما أن سكوت شركاء السفينة عن السفينة الذي أراد فسادها سبب هلاكهم في الدنيا كذلك سكوت المسلمين عن الفاسق وترك الإنكار عليه سبب هلاكهم في الآخرة بل وفي الدنيا كما في الأحاديث.
ومنها أنه كما لا ينجي الشركاء من الهلاك قول المفسد إنما أفسد فيما يخصني كذلك لا ينجي المسلمين من الإثم والعقوبة قول مرتكب المنكر إنما أجنى على ديني لا على دينكم وعليكم أنفسكم ولي عملي ولكم عملكم ونحو هذا الكلام فيما يجري على ألسنة الجاهلين لأن شؤم فعله وسوء عاقبة فساده يشملهم أجمعين.
ومنها أن أحد الشركاء في السفينة إذا منع المفسد من خرقها كان سببا لنجاة أهل السفينة كلهم كذلك من قام من المسلمين بإنكار المنكر كان قائما بفرض الكفاية عنهم وكان سببا لنجاة المسلمين جميعا من الإثم وله عند الله الأجر الجزيل على ذلك. ومنها: أنه إذا أنكر منكر من أهل السفينة على الشريك الذي أراد خرقها فاعترض عليه معترض منهم نسب ذلك المعترض إلى الحمق وقلة العقل والجهل بعواقب هذا الفعل إذ المنكر ساع في نجاة المعترض وغيره فذلك كذلك لا يعترض على منكر المنكر إلا من عظم حمقه وقل عقله وجهل عواقب المعصية وشؤمها إذا المنكر قائم