للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال لهم أيضًا: "إني لأرى مواقع الفتن في بيوتكم كمواقع القطر" (١).

والظاهر والله أعلم أن المراد بالخبث المعاصى مطلقا، ومعنى الحديث: أن الخبث إذا كثر فقد يحصل الهلاك العام وإن كان هناك صالحون، قلت: هذه سنة الله الماضية في خلقه أن العذاب إذا نزل يعم ولا يميز ولهذا أمر الله تعالى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالخروج من بين قومهم قبل نزول العذاب مع لاح القدرة لنجاتهم وإن قعدوا ولكن لا تبديل لسنة الله تعالى، ولذا جاء في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما مر بالحِجْر (ديار ثمود) قال: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أن يصيبكم مثل ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين" ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي (٢)، أي رفع رأسه إلى السماء حيرة وتعوذا مما جرى عليهم أو أطرق رأسه فلم يلتفت في كلتا الحالتين يمينا وشمالا لئلا يقع بصره عليها وقيل قنع رأسه أي سترها بقناع كالطيلسان والله أعلم (٣).

في قوله "أنهلك وفينا الصالحون" الحديث دليل على أن البلاء قد يرفع عن غير الصالحين إذا كثر الصالحون فأما إذا كثر المفسدون وقل الصالحون


(١) المفهم (٢٣/ ٦١ - ٦٢). والحديث أخرجه البخاري (١٨٧٨) و (٢٤٦٧) و (٣٥٩٧) و (٧٠٦٠)، ومسلم (٩ - ٢٨٨٥) عن أسامة بن زيد.
(٢) أخرجه البخاري في الصلاة (٤٣٣) و (٣٣٨٠ و ٣٣٨١) و (٤٤١٩ و ٤٤٢٠) و (٤٧٠٢)، ومسلم (٣٨ و ٣٩ - ٢٩٨٠) عن ابن عمر.
(٣) تحفة الأبرار (٢/ ٢٨١)، وكشف المناهج (٤/ ٣٥٤)، وشرح المصابيح (٥/ ٣٥٩) لابن ملك.