للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

طهاة للمؤمنين ونقمة على الفاسقين، وبهذا قال السلف، وروي ابن وهب عن مالك أنه قال: تهجر الأرض التي يصنع فيها المنكر جهارا ولا يستقر فيها واحتج بفعل أبي الدرداء في خروجه من أرض معاوية حين أعلن [بالربا] وهو من الكبائر وأجاز بيع سقاته الذهب بأكثر من وزنها فقال له أبو الدرداء: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن مثل هذا إلا مثلا بمثل، فقال معاوية: ما أرى بمثل هذا بأسا، فقال أبو الدرداء: من يعذرني من معاوية أنا أخبره عن رسول الله ويخبرني عن رأيه لا أساكنك بأرض [أنت بها] (١)، قال النووي: وقولها: "أنهلك وفينا الصالحون" تقدم ذكره ومعنى الحديث: أن الخبث إذا كثر فقد يحصل الهلاك العام وإن كان هناك صالحون (٢).

قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (٣) وقال القرطبي: في هذا الحديث تنبيه على الاختلاف والفتن والهرج الواقع في العرب وأول ذلك قتل عثمان ولذلك أخبر عنه بالقرب ثم لم يزل ذلك كذلك إلى أن صارت العرب بين الأمة كالقصعة بين الأكلة كما في الحديث الآخر: "أوشك أن يتداعي عليكم الأمم كما تتداعي الأكلة على قصعتها" (٤) قال: ذلك مخاطبا للعرب.


(١) المصدر السابق (١٠/ ٦).
(٢) شرح النووي على مسلم (١٨/ ٤).
(٣) سورة الأنفال، الآية: ٢٥.
(٤) أخرجه أبو داود (٤٢٩٧) عن ثوبان. وصححه الألباني في المشكاة (٥٣٦٩)، الصحيحة (٩٥٨).