للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعن أبي عقيل زهرة بن معبد أنه سمع جده عبد الله بن هشام قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا نفسي فقال: "ومن نفسك يا عمر" فقال: ومن نفسي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الآن يا عمر" (١) [فمحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكد على الإنسان من حق أبيه وابنه والناس أجمعين لأن به - صلى الله عليه وسلم - استنقذنا من النار فهدانا من الضلال] (٢) وهذا كله تصريح بأن هذه المحبة ليست باعتقاد تعظيم بل ميل إلى المعتقد تعظيمه ويعلق القلب به فتأمل هذا الفرق فإنه صحيح ومع ذلك فقد خفي على كثير من الناس وعلى هذا فمعنى الحديث والله أعلم: أن من لم يجد من نفسه ذلك الميل وأرجحيته للنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكمل إيمانه هذا كلام القاضي (٣)، قال الإمام القرطبي: على أني أقول: إن كل من صدق بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وآمن به إيمانا صحيحا، لم يخل عن وجدان شيء من تلك المحبة الراجحة للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ غير أنهم في ذلك متفاوتون:

فمنهم: من أخذ من تلك الأرجحية بالحظ الأوفى؛ كما قد اتفق لعمر - رضي الله عنه - حين قال: ومن نفسي، ولهند امرأة أبي سفيان حين قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: لقد كان وجهك أبغض الوجوه كلها إلي، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي. . . الحديث، وكما قال عمرو بن العاص: لقد رأيتني وما أحد أحب إلي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا أجل في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه؛


(١) أخرجه البخاري (٣٦٩٤) و (٦٢٦٤) و (٦٦٣٢).
(٢) شرح الصحيح (١/ ٦٦).
(٣) هذه عبارة القرطبي كما في المفهم (١/ ١٤١)، والتوضيح (٢/ ٥٢١).