للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إجلالا له، ولو سئلت أن أصفه، ما أطقت؛ لأني لم أكن أملأ عيني منه، ولا شك في أن حظ أصحابه من هذا المعنى أعظم؛ لأن معرفتهم بقدره أعظم؛ فالمحبة ثمرة المعرفة، فتقوى وتضعف بحسبها.

ومن المؤمنين: من يكون مستغرقًا بالشهوات، محجوبا بالغفلات عن ذلك المعنى في أكثر الأوقات؛ فهذا بأخس الأحوال، لكنه إذا ذكر بالنبي [- صلى الله عليه وسلم - أو بشيء من] فضائله، اهتاج لذكره، واشتاق لرؤيته، بحيث يؤثر رؤيته، بل رؤية قبره ومواضع آثاره، على أهله وماله وولده، ووالده، ونفسه والناس أجمعين، فيخطر له هذا ويجده وجدانا لا شك فيه، غير أنه سريع الزوال والذهاب؛ لغلبة الشهوات، وتوالي الغفلات؛ ويخاف على من كان هذا حاله ذهاب أصل تلك المحبة، حتى لا يوجد منها حبة، فنسأل الله الكريم، رب العرش العظيم: أن يمن علينا بدوامها وكمالها، وألا يحجبنا عنها قاله الإمام القرطبي (١) أحمد بن عمر.

قال القاضي عياض: ومن محبته - صلى الله عليه وسلم - نصر سنته والذب عن شريعته وتمني حضور حياته فيبذل ماله ونفسه دونه قال: وإذا تبين ما ذكرناه تبين أن حقيقة الإيمان لا يتم إلا بذلك ولا يصح الإيمان إلا بتحقيق إنافة قدر النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنزلته على كل والد وولد ومحسن ومفضل ومن لم يعتقد هذا أو اعتقد ما سواه فليس بمؤمن هذا كلام القاضي (٢).


(١) المفهم (١/ ١٤٢).
(٢) إكمال المعلم (١/ ٢٨٠ - ٢٨١).