للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: حتى ثنى ذلك عليه أربع مرات، هو: بتخفيف النون أي كرره أربعا وفيه التعريض للمقر بالزنا بأن يرجع وحينئذ يقبل رجوعه بلا خلاف وهذه حكمة الإعراض عنه (١).

فهذا دليل على أن الحد يكفر ذنب المعصية التي يحد لها وقد جاء ذلك صريحا في حديث عبادة بن الصامت وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ومن فعل شيئا من ذلك فعوقب به في الدنيا فهو كفارته" ولا نعلم في هذا خلافا، وفي هذا الحديث دليل على سقوط إثم المعاصي الكبائر بالتوبة وهو بإجماع المسلمين فإن قيل: فما بال ماعز والعامرية والتوبة محصلة لغرضهما وهو سقوط الإثم بل أصر على الإقرار واختار الرجم؟ فالجواب: أن تحصيل البراءة بالجد وسقوط الإثم متيقن على كل حال لا سيما وإقامة الحد بأمر النبي، وأما التوبة فيخاف أن لا تكون نصوحا وأن يُخلَّا بشيء من شروطها فتبقى المعصية وإثمها دائما عليهما فأرادا حصول البراءة بطريق متيقن دون ما يتطرق إليه احتمال، والله أعلم (٢).

تنبيه: هذا المرجوم المذكور في الحديث الذي أقر عند النبي -صلى الله عليه وسلم- أربع مرات أنه زنى هو ماعز بن مالك الأسلمي، قيل: يكني أبا عبد الله لولد كان له وفي الصحابة أيضا ماعز التميمي هو غير منسوب لأب ويقال: هذا المكنى بأبي عبد الله (٣) فكان ماعز هذا تحت حجر هزال بن رباب أبي نعيم الأسلمي فوقع


(١) شرح النووي على مسلم (١١/ ١٩٣).
(٢) المصدر السابق (١١/ ١٩٩).
(٣) أسد الغابة (٥/ ٥ ترجمة ٤٥٥٤ و ٥/ ٦ ترجمة ٤٥٥٥).