للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هذا كانوا عشرة آلاف ملك فأرسل الله تعالى نارا فأحرقتهم، فإن قيل: فهلا احترق إبليس لما خالف؟ قلنا: لما سبق في الأزل من امتحان بني آدم وقوله: {إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ} (١) وقال قتادة: غضب الله عليهم فطافوا بالعرش سبع سنين يقولون لبيك اللهم لبيك اعتذارا إليك فتاب عليهم فذلك بدوا التلبية ثم في مرادهم بذلك أقوال، أحدها: أنه استفهموا وجه الحكمة فكأنهم قالوا: كيف يعصونك وقد استخلفتهم وإنما ينبغي أن يسبحوا كما نسبح، والثاني: أنه قالوه تعجبا من استخلاف من يفسدوا، الثالث: أنهم استفهموا عن حال أنفسهم وتقديره: أتجعل فيها من يفسد فيها ونحن نسبه أم لا، ذكره ابن الأنباري والحسين بن الفضل. فإن قيل: فكيف نطقوا على بني آدم بالفساد وما رأوهم وذكر الغائب غيبة، وهل علموا الغيب حتى قالوا ذلك؟ فالجواب: من وجوه، أحدها: ما روي عن ابن عباس أنه قال لما قال: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (٢) قالوا: وما يكون من ذلك، قال: ذرية يفسدون في الأرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضا فقالوا عند ذلك: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} (٣)، الثاني: أنهم قاسوا على فعل من من تقدمهم من الجن الذين أفسدوا في الأرض فقاسوا بالشاهد الغائب، الثالث: كان لهم علم التجربة وعلم الفراسة والظن فتحقق ظنهم، والرابع: أنهم لما أخبروه بوجود


(١) سورة الأعراف، الآية: ١٥.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٣٠.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٣٠.