للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله: "وأمرني أن أمحق المزامير والكبارات [يعني البرابط] والمعازف والأوثان" الحديث، المحق إذهاب الشيء والمزامير جمع مزمار، والكبارات يعني البرابط جمع بربط وهو العود، قاله المنذري، والمعازف هي آلات اللهو كلها، وتقدم ذلك عن الجوهري لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك ولو كانت حلالا لما ذمهم على استحلالها، ولما قرن استحلالها باستحلال الخمر وقد توعد مستحلي المعازف في الأحاديث بأن يخسف الله بهم الأرض ويمسخهم قردة وخنازير وإن كان للوعيد على جميع هذه الأفعال فكل واحد منها قسط في الذم والوعيد والله أعلم.

تنبيه: وبالجملة فالمعروف من مذاهب الأئمة الأربعة أن الضرب بذوات الأوتار والاستماع إليها حرام ولا يجوز بيعها ولا أجرة لصانعها ولا غرم على كاسرها لصنعتها ولا يقطع سارقها ما لم يبلغ رضاضها نصابا، وقال الغزالي رحمه الله تعالى (١): المنع منها لعلل، إحداها: أنها تدعو إلى مجالس الخمر وإلى شربه وأن الاجتماع إليها قد صار من عادة الفسقة ومن تشبه بقوم فهو منهم وأيضًا فإن للمحارم حمى ينسحب التحريم عليه كما حرمت الخلوة بالأجنبية لكونها مقدمة الجماع وحرم النظر إلى الفخذ لكونه متصلا بالسوءتين وحرم قليل الخمر وإن كان لا يسكر لأنه يدعوا إلى المسكر.

قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وأقسم ربي بعزته لا يشرب عبد من عبيدي جرعة من خمر إلا سقيته مكانها من حميم جهنم معذبًا أو مغفورًا له" والقسم الحلف وتقدم الكلام


(١) إحياء علوم الدين (٢/ ٢٧٢).