للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يعني: الوعاء الأول علم الأحكام والأخلاق، وبالوعاء الثاني: علم الأسرار المصون عن الأغيار المختص بالعلماء بالله من أهل العرفان، قال قائلهم:

تَغَيَّرَتِ الْبِلَادُ وَمَنْ عَلَيْهَا ... فَلَوْنُ الْأَرْضِ مُغْبَرٌّ قَبِيحْ

يا رُب جوهر علم لو أبوح به ... لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا

ولاستحل رجال مسلمون دمي ... يرون أقبح ما يأتونه حسنا

وقال بعضهم: العلم المكنون والسر المصون علمنا، وهو نتيجة الخدمة وثمرة الحكمة لا يظفر به إلا الغواصون في بحار المجاهدات ولا يسعد بها إلا المصطفون بأنوار المجاهدات، إذ هي أسرار متمكنة في القلوب لا تظهر إلا بالرياضة وأنوار ملمعة في الغيوب لا تنكشف إلا للمرتاضة، وأقول: نعم ما قال، ولكن بشرط أن لا تدفعه القواعد الإسلامية ولا تنفيه القوانين الإيمانية، إذ ما بعد الحق إلا الضلال، انتهى، قاله الكرماني في شرح البخاري (١).

وقال سهل بن عبد الله التستري: العلماء ثلاثة: عالم بالله لا بأمر الله ولا بأيام الله وهم المؤمنون، وعالم بأمر الله لا بأيام الله وهم المفتون في الحلال والحرام، وعالم بالله عالم بأيام الله وهم الصديقون (٢).

قوله: بأيام الله، يعني: بنعمه الباطنة وبعقوباته الغامضة، ثم قال: الناس كلهم موتى إلا العلماء، والعلماء نيام إلا الخائفين والخائفون منقطعون إلا


(١) المصدر السابق.
(٢) قوت القلوب (١/ ٢٤٢ - ٢٤٣)، وإحياء علوم الدين (١/ ٧٥).