للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - من الكبائر شتم الرجل والديه إلى آخره، ففيه دليل على أن من تسبب في شيء جاز أن ينسب إليه ذلك الشيء دائمًا (١).

قوله: "وهل يشتم الرجل والديه" استفهام انكار واستبعاد لوقوع ذلك من أحد من الناس وهو دليل لما كنوا عليه من المبالغة في بر الوالدين ومن الملازمة لمكارم الأخلاق والآداب والحديث دليل على أن سبب الشيء قد ينزل منزلة الشيء في المنع فيكون حجة لمن منع بيع العنب ممن يعصره خمرًا ومنع بيع ثياب الحرير ممن يلبسها وهي لا تحل له على أحد القولين عند [المالكية]، وأفتى به بعض الشافعية وفيه حجة للقول بسد الذرائع وهو نحو قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} (٢) (٣).

قال النووي: وإنما جعل هذا عقوقا لكونه يحصل منه ما يتأذى به الوالدن تأذيًا ليس بالهين كما تقدم في حد العقوق واللّه أعلم (٤).

فرع: يحرم انتهار الوالد والوالدة وشبههما تحريما غليظا لهذا الحديث قال اللّه تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (٥) الآية كلها (٦)، أ. هـ.


(١) شرح النووي على مسلم (٢/ ٨٨).
(٢) سورة الأنعام، الآية: ١٠٨.
(٣) المفهم (٢/ ٤٧).
(٤) شرح النووي على مسلم (٢/ ٨٨).
(٥) سورة الإسراء، الآية: ٢٣.
(٦) الأذكار (ص ٥٧٩).