واعلم أن الزوجة أحق باسم الجار من كلّ أحد لملاصقته بالبدن فمعنى الجوار القرب ولهذا سمت العرب الزوجة جارة لقربها، وقد قال بعضهم في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة" أنها الزوجة وفسر بعضهم الصاحب بالجنب بها فهي أحق بالإحسان من الجار الجنب، أ. هـ.
فقوله:"من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليفعل كذا وكذا" يدلّ على أن هذه الخصال المذكورة في الحديث من خصال الإيمان وقد سبق أن الأعمال تدخل في الإيمان وأعمال الإيمان تارة تتعلق بحقوق اللّه تعالى كأداء الواجبات وترك المحرمات ومن ذلك قول الخير والصمت عن غيره وتارة يتعلق بحقوق عباده كإكرام الضيف وإكرام الجار أو الكف عن أذاه فهذه ثلاثة أشياء يؤمن بها المؤمن أحدها قول الخير والصمت عما سواه، الثاني: مما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث للمؤمنين إكرام الجار، وفي بعض الروايات النهي عن أذى الجار فأما أذى الجار فمحرم فإن الأذى بغير حق محرم لكل أحد ولكن في حق الجار هو أشد تحريما، وأما إكرام الجار والإحسان إليه فمأمور به كما تقدم.
وقوله:"ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليكرم ضيفه" الحديث، قال القاضي عياض: معنى الحديث أن من التزم شرائع الإسلام لزمه إكرام ضيفه وبره كما سبق في الجار والضيافة من آداب الإسلام وخلق النبيين والصالحين وسيأتي الكلام على الضيافة قريبا، واختلاف العُلماء فيها مبسوطا في بابه إن شاء اللّه تعالى.