للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

- صلى الله عليه وسلم -: "من غرس هذا النخل أمسلم أم كافر؟ " فقالت: بل مسلم، فقال: "لا يغرس مسلم غرسا ولا يزرع رزعا فياكل منه إنسان أو دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة" (١) ففي هذه الأحاديث فضيلة الغرس والزرع وأن أجرها على ذلك مستمر ما دام الغرس والزرع وما تولد منه إلى يوم القيامة وفيه أن الثواب والأجر يختص بالمسلمين وأن الإنسان يثاب على ما سرق من ماله أو أتلفته دابة أو طائر ونحوهما، وأم بشير هذه يقال لها أم مبشر وأم معبد، قيل: اسمها خليدة بضم الخاء ولم يصح وهي امرأة زيد بن حارثة أسلمت وبايعت - رضي الله عنها - (٢).

قال العُلماء: وظاهر هذا الحديث والروايات بعده كلها تدل على أن هذه الأشياء تكون صدقة يثاب عليها الزراع والغارس ونحوهما من غير قصد ولا نية وكذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أرأيت لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر، فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر" يدلّ بظاهره على أنه يؤجر في إتيان أهله بغير نية فإن المباضع لأهله كالزارع في الأرض التي يحرث ويبذر فيها، وقد ذهب إلى هذه طائفة من العُلماء ومال إليه أبو محمد بن قتيبة في الأكل والشرب والجماع، واستدل بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن المؤمن ليؤجر في كلّ شيء حتى اللقمة يرفعها إلى فيه" وهذا اللفظ الذي استدل به غير معروف إنما المعروف قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لسعد: "إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه اللّه إلا أجرت عليها حتى اللقمة ترفعها إلى فيّ امرأتك" وهو مقيد بإخلاص النية


(١) أخرجه مسلم (٨ و ١٠ و ١١ - ١٥٥٢).
(٢) شرح النووي على مسلم (١٠/ ٢١٣ - ٢١٤).