للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والدناءات كلها والغضب يحمله على الكبر والحقد والحسد والسفه (١)، أ. هـ والله أعلم. وأما البر فتارة يقابل بالفجور والإثم فيكون عبارة عما اقتضاه الشرع وجوبا أو ندبا كما أن الإثم عبارة عما نهى الشرع عنه وتارة يقابل بالعقوق فيكون عبارة عن الإحسان كما أن العقوق عبارة عن الإساءة (٢).

فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب" فهو كقوله أولا البر حسن الخلق لأن حسن الخلق تطمئن له النفس والقلب.

وقوله: "والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر" هو شبيه بقوله: "الإثم ما كرهت أن يطلع عليه الناس" لأن ما تردد في الصدر فهو إثم أو محل شبهة ولا بد وذلك مما يكره إطلاع الناس عليه والله أعلم قاله الطوفي (٣).

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس" واعلم أن النفس لها شعور من أصل الفطرة بما تحمد عاقبته وما لا تحمد عاقبته ولكن الشهوة غالبة عليها بحيث توجب لها الإقدام على ما يضرها كاللص تغلبه الشهوة على السرقة وهو خائف من الوالي أن يقطعه والزاني ونحوه كذلك إذا عرف هذا فقد تضمنت هذه الجملة علامتين للإثم، إحداهما: تأثيره في النفس وتردده وما ذاك إلا لشعورها بسوء عاقبته، الثانية: كراهية إطلاع الناس على الشيء يدل على أنه إثم لأن النفس بطبعها تحب إطلاع الناس على خيرها وبرها، ومن ثم هلك كثير من الناس بالرياء،


(١) مدارج السالكين (٢/ ٢٩٤ - ٢٩٥).
(٢) التعيين في شرح الأربعين (ص ٢٠٤).
(٣) المصدر السابق (ص ٢٠٩).