للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإذا كرهت إطلاع الناس على بعض أفعالها علمنا أنه ليس خيرا وبرا فهو إذن شر وإثم والركاهة المعبرة هنا هي الكراهة الدينية الجازمة فالدينية احتراز من العادية كمن يكره أن يرى على الأكل حياء أو بخلا ونحو ذلك والجازمة احتراز من غير الجازمة كمن يكره أن يركب بين المشاة تواضعا أو نحوه ثم لو رأى كذلك لم يبال لأن كراهته لذلك غير جازمة والله أعلم (١).

فائدة: فإن قلت: هل يمكن أن يكون الخلق كسبيا أو هو أمر خارج عن الكسب؟ قلت: يمكن أن يكون كسبيا بالتخلي والتكلف حتى يصير له سجية وملكة وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للأشج عبد القيس إن فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة فقال: أخلقين تخلقت بهما أم جبلني الله عليهما فقال: بل جبلك الله عليهما، فقال الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله ورسوله (٢)، فدل على أن من الخلق ما هو طبيعة وجبلة وما هو مكتسب، الغريزة الجبلية والطبيعة التي يخلق الله عليها العبد من غير اكتساب، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعاء الاستفتاح: اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهديني لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت (٣)، فذكر الكسب والقدر والله أعلم (٤).


(١) المصدر السابق (ص ٢٠٥ - ٢٠٦).
(٢) أخرجه أبو داود (٥٢٢٥) عن أم أبان بنت الوازع بن زارع، عن جدها. وحسنه الألباني.
(٣) أخرجه مسلم (٢٠١ و ٢٠٢ - ٧٧١) عن علي بن أبي طالب.
(٤) مدارج السالكين (٢/ ٣٠٠).