للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله: وعن أبي ذر -رضي اللَّه عنه-: تقدم الكلام عليه.

قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيما رجل كشف سترا فأدخل بصره قبل أن يؤذن له فقد أتى حدا لا يحل له أن يأتيه" فيه دليل على جواز رمي غير الناظر إذا نظر إلى ملك غيره ويؤخذ منه تحريم النظر إلى بيوت الجيران وإذا تعمد النظر فرماه بشيء خفيف كحصاة فأعماه أو فقأ عينه فلا قصاص ولا ضمان ولا فرق بين أن يكون الناظر بالغا أو صبيا مميزا وهو كذلك، وقد يستشكل رمي عين الصبي مع أنه لا قصاص عليه ويجاب عنه بأن هذا من باب الصيال، والصبي إذا صال على الإنسان ليقتله جاز له قتله فكذلك إذا نظر جاز له رمي عينه وظاهر الخبر أنه يكون الرمي ابتداء من غير إنذار وهو كذلك، وفرقوا بينه وبين الصائل حيث وجب إنذاره بالأسهل فالأسهل بأن النظر جناية تامة فاستحق فاعلها العقوبة بخلاف الصائل فإنه قاصد للجناية ولم تقع منه الجناية.

ثم إنما يجوز رمي عين الناظر بشرطين أحدهما أن لا يقصر صاحب الدار فإن قصر بأن ترك الباب مفتوحا أو الكوة مفتوحة لم يجز له رمي عين الناظر، الشرط الثاني: أن لا يكون للناظر شبهة فإن كانت له محرم في دار المنظور إليه أو زوجته أو أمته لم يجز رمي عينه، ولو نظر من سطح نفسه إلى دار الغير أو نظر المؤذن من المأذنة جاز رمي عينه على الأصح إذ ليس السمع كالبصر في الاطلاع على العورات وإن كان يحرم (١) لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- "من استمع حديث قوم بغير إذنهم صب في أذنيه الآنك يوم القيامة" (٢) أ. هـ، قاله في شرح مشارق الأنوار.


(١) إحكام الأحكام (٢/ ٢٤٤).
(٢) أخرجه البخاري (٧٠٤٢) عن ابن عباس.