للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أنه روي عن أكثر من ستين صحابيًا مرفوعًا، وذكر أبو القاسم عبد الرحمن بن منده: عدد ما رواه فبلغ بهم سبعة وثمانين صحابيًا، منهم العشرة المشهود لهم بالجنة، قال: ولا نعرف حديثًا اجتمع على روايتُه العشرة إلا هذا، ولا حديثًا يروي عن أكثر من ستين صحابيا إلا هذا، وقال بعضهم: رواه مائتان من الصحابة ثم لم يزل في ازدياد، وقد اتفق البخاري ومسلم على إخراجه في صحيحهما من حديث علي والزبير وأنس وأبي هريرة وغيرهم، وأما إيراد أبي عبد اللّه الحميدي صاحب الجمع بين الصحيحين من حديث أنس في أفراد مسلم فليس بصواب، فقد اتفقا عليه، واللّه أعلم (١).

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فليتبوأ مقعده من النار" وهو بكسر اللام هذا هو الأصل، وبالسكون هو المشهور، قال العُلماء: معناه فلينزل، وقيل: فليتخذ منزله من النار، قال الخطابي: وأصله من مباءة الإبل وهي إعطائها، والتبوؤ: اتخاذ المباءة أي المنزل، يقال: تبوأ الرجل المكان إذا اتخذه موضعا لمقامه، قال الجوهري: تبوأت منزلا أي نزلته، ثم قيل: إنه دعاء بلفظ الأمر يريد أن اللّه تعالى يبوئه مقعده من النار وخرج مخرج الأمر، ومعناه: الدعاء، وقيل: هو خبر بلفظ الأمر أي معناه، فقد استوجب ذلك فليوطن نفسه عليه، وذلك لأن الأمر يرد بمعنى الخبر، والخبر يرد بمعنى الأمر لقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} (٢) وهو أمر بالتربص وهذا كثير مشهور (٣).


(١) شرح النووي على مسلم (١/ ٦٨).
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٢٨.
(٣) انظر أعلام الحديث (١/ ٢١٢) للخطابي، وكشف المشكل (١/ ٢٢٨ - ٢٢٩) لابن الجوزي، وشرح النووي على مسلم (١/ ٦٨)، والكواكب الدراري (٢/ ١١٢ - ١١٣).