للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعلى هذا يحمل ما ثبت من هجر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كعب بن مالك وصاحبيه ونهيه -صلى اللَّه عليه وسلم- الصحابة عن كلامهم لما خاف عليهم النفاق حين تخلفوا عن غزوة تبوك وهجرت عائشة ابن الزبير مدة.

وفي رحلة ابن الصلاح التي يخطه أن سعد بن أبي وقاص كان مهاجرا لعمار بن ياسر حتى مات وأن عائشة كانت مهاجرة لحفصة وعثمان كان مهاجرا لعبد الرحمن بن عوف حتى مات وطاوس هاجر وهب بن منبه إلى أن مات وجرى بين الحسن وابن سيرين كلام فتهاجرا فمات الحسن ولم يشهد ابن سيرين جنازته وهجر سعيد بن المسيب أباه فلم يكلمه إلى أن مات وكان أبوه زياتا وكان الثوري يتعلم من ابن أبي ليلى ثم هجره ومات ابن أبي ليلى فلم يشهد الثوري جنازته (١).

فيجوز هجر أصحاب المعاصي والأهواء والبدع ومنابذي السنة دائما على ممر الأوقات ما لم تظهر منهم التوبة والرجوع إلى الحق ولقد وجد من السلف من هجر أخاه في أمر كرهه عنه من أمور الدين السنة والسنتين ومنهم من هجر صاحبه وذلك طول عمره ورأوا أنفسهم في فسحة من ذلك ما لم يعد المهجور عما ابتدعه.

تنبيه: قال في المهمات وكلام الأصحاب بعمومه يقتضي أن المبتدع لا فرق فيه بين أن يكون متجاهرا ببدعته أم لا بخلاف الظلم والفسق والصواب التسوية وكذلك يجوز الهجران إذا كان فيه صلاح لدين الهاجر أو المهجور


(١) المعارف لابن قتيبة (ص ٥٥٠).