للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ظنه ما يرويه كذبا فرواه كان كاذبًا، وكيف لا يكون كاذبًا وهو مخبر بما لم يكن (١)، وإنما سمي المحدّث به كاذبًا لأنه رأى أن ذلك كذب، فالتحدّث به صار معينًا لمن افتراه على فريته فاشترك معه في الوزر كمن أعان ظالمًا على ظلمه (٢)، ويؤخذ منه أنه يحرم رواية الحديث الموضوع على من عرف كونه موضوعًا لو غلب على ظنه وضعه، فمن رواه وعلم حاله أو ظنه ولم يبين حال راويته فهو داخل في ذلك مندرج في جملة الكذابين على رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، واعلم أن الكذب على رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - من أعظم أنواع الكذب بعد كذب الكافر على اللّه تعالي، وقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إياكم والحديث وكثرة الروايات عني، فمن قال عني فلا يقولن إلا حقًّا وصدقًا"، وقد هاب جماعة من الصحابة والتابعين الرِّواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأجل هذا الحديث خوفا من الزيادة والنقصان والغلط فيه حتى أن بعض التابعين كان يهاب رفع المرفوع فيوقفه على الصحابي، ويقول: الكذب عليه أهون من الكذب على رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، انتهى، قاله النووي (٣).

ولقد دار بين الزهري وربيعة معاتبة فقال ربيعة للزهري: ألا إنما أخبر الناس برأيي إن شاؤوا أخذوا وإن شاؤوا تركوا وأنت إنما تخبرهم عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فانظر ما تخبرهم به، انتهى، قاله الكرماني (٤)، وكان عمر بن


(١) شرح النووي على مسلم (١/ ٦٥).
(٢) الميسر (١/ ٩٧).
(٣) شرح النووي على مسلم (١/ ٧١)، والكواكب الدراري (٢/ ١١٥).
(٤) الكواكب الدراري (٢/ ١١٥ - ١١٦).